بقلم: ساهر عريبي
لعب سماحة السيد مقتدى الصدر زعيم مابات يعرف باسم التيار الصدري السائر على خط والده الشهيد محمد محمد صادق الصدر, لعب دورا محوريا في منع إنزلاق العراق نحو حالة من الفوضى خلال مفاصل حاسمة من مراحل العملية السياسية التي إنطلقت في العراق بعد 9 نيسان 2003.
كان التحدّي الكبر الذي واجه العراق بعد مرور بضعة شهور على سقوط نظام صدام حسين, هو إنزلاق البلاد في فوضى حرب أهلية شاملة أرادات الجماعات الإرهابية وبقايا نظام البعث جرّ البلاد إليها. وقد ظهرت بوادر تلك الحرب التي أراد تنظيم القاعدة وحزب البعث إشعالها, في المجازر الطائفية التي تم ارتكابها في منطقة اللطيفية واليوسفية والوحدة, ثم امتدت شرارة تلك الاعمال الى العاصمة بغداد.
وحينها وقف جيش المهدي التابع للتيار الصدري وقفة تاريخية مشهودة بوجه الجماعات الإرهابية في العاصمة بغداد, ولولا تلك الوقفة لسقطت بغداد في براثن تلك الجماعات ولاندلعت حرب اهلية شاملة في العراق. كانت تلك المرة الأولى التي انقذ فيها السيد مقتدى الصدر العراق من الإنزلاق في فوضى حرب أهلية شاملة لا تبقي ولا تذر.
وأما المرّة الثانية التي تدخل فيها سماحة السيد للقضاء على الفوضى, فهي هذه الأيام, فبعد ان تظاهر اتباعه على أبواب المنطقة الخضراء مهددين باعتصامها مالم يتم تشكيل حكومة جديدة. إقتحم السيد الصدر الخضراء لوحده ومنع اتباعه من اقتحامها وجر البلاد الى حالة من الفوضى لا تحمد عقباها, وأصدر اوامره اليهم بعدم حمل السلاح وبالتعاون مع الجهات الأمنية وعدم إقتحام الوزارات وتعطيل عملها.
ثم تدخل السيد الصدر مرة اخرى مع بدء التمرد على الشرعية الذي قاده نواب دولة القانون من اتباع المالكي في البرلمان العراقي, والذي يهدف بالدرجة الأساس الى إدخال البلاد في فراغ سياسي كبير يؤدي الى فوضى كبيرة وخلط للأوراق تحت راية الإصلاح والقضاء على المحاصصة التي رفعها هؤلاء زورا. فهل يعقل ان مشعان الإرهابي وحنان الفتلاوي الطائفية وداعية القتل, وصهري المالكي الفاسدين وعلاوي “بنما” يصبحون بين ليلة وضحاها دعاة إصلاح؟
وهنا إستشعر السيد مقتدى الصدر حجم المؤامرة التي حاكها أنصار الولاية الثالثة وبدعم خارجي واضح, والهدف الأساس منها هو إعادة المالكي الى سدة رئاسة الوزراء , بعد ان شعر أتباعه بأن حبل المشنقة يقترب من رقابهم, فدعوات الإصلاح لن تستهدف سواهم وهم الذين حكموا البلاد طوال ثمان سنوات أهدروا خلالها موارد العراق وتركوها عرضة للدمار ولقوى الإرهاب التي عبثت بها.
وهكذا تدخل السيد مقتدى الصدر وأحبط مؤامرة النواب التي دُبّرت بليل, فسحب الغطاء والدرع الذي تحصّن به هؤلاء من أجل إيقاف مسيرة الإصلاح. ومع إصرار هؤلاء النواب على موقفهم المدعوم من رغبة خفية للكتل السياسية الأخرى في عدم تشكيل حكومة إنقاذ وطني, دعا السيد مقتدى الصدر أتباع الى تظاهرة مليونية مرعبة تنطلق يوم غد الإثنين.
إن هذه الدعوة الى التظاهرة تهدف وبالدرجة الأساس الى الضغط على السياسيين من اجل تشكيل الحكومة الجديدة ومنع إنزلاق البلاد في حالة من الفوضى وعدم الإستقرار.
إن هذه السيرة تثبت بان السيد مقتدى الصدر صمّام أمان للعراق وعامل أساسي من عوامل إستقراره, وإن كانت القوى السياسية صادقة في إدعائاتها بحرصها على البلاد ومستقبلها فلتدع الصدر يشكل الحكومة فهو الزعيم القوي الوحيد في العراق القادر على وقف الفوضى وتحقيق الإصلاح والقضاء على الفساد.