هشام الهاشمي
تداعياتها تستمر وبشكل فاعل ومؤثرة في الرأي العام العراقي ويستوقفنا هنا ما استخلصه قيادات في الحشد الشعبي في بيانتهم التي رصدت إضاءة هامة في تمييز طبيعة وهوية الاستهداف.
التي دفعت بظهور نزعة دينية جهادية للتعامل مع أمريكا بوصفها عدوا بكل ما فيه، قال المرجع الديني المقيم في إيران، اية الله كاظم الحائري: "بقاء القوات الامريكية في العراق حرام ولا خيار سوى المقاومة"، دونما تمييز بين فئة عسكرية قتالية منسجمة مع طلب بغداد في الحرب على الإرهاب، وبين فئة عسكرية جوية ولوجستية واستشارية للقوات المسلحة العراقية لاتزال الحاجة لها قائمة.
وبرأي قيادات الفصائل المسلحة العقائدية العابرة لحدود الوطنية، فإن القوات امريكا حتى لو نفت مشاركتها إسرائيل في استهداف معسكرات الحشد فهي لا تنفي علمها بالعدوان الإسرائيلي قبل وبعد الاستهداف، ومن مصلحة القوات الامريكية التفلت من هذه المواجهة المحرجة.
وهنا نسأل هل أن "امريكا" كانت تحاول فعلا ان تمنع إسرائيل من العدوان على معسكرات الحشد من قبل؟ وهل أنها اخبرت القيادة المشتركة العراقية بتفاصيل العدوان الإسرائيل بعد حدوثه؟
وبما أن الإجابة الصحيحة هي النفي من غير تردد، فإننا نرى الاحراج الذي تعرض وسيتعرض له رئيس الوزراء عادل عبد المهدي مع حلفائه من الجانبين، وهنا يبدو موقف الحكومة مضطربا؛ فمن ناحية، هم يوحون بأن مصادر الاستهداف خارجية استهدفت مخازن اكداس ومعسكرات الحشد؛ ومن جهة أخرى، يقولون بأن هوية المصدر الخارجي غير معروفة.
والواضح أن المسؤولية الدينية والاخلاقية لقيادات الحشد الشعبي تشمل حماية المعسكرات والأشخاص المنخرطين مباشرة بالأعمال العسكرية والبنى التحتية غير العسكرية، وإن حماية هؤلاء من نيران "العدو" باتت أمرا يؤرقهم، إلى الحد الذي حملهم على السعي في أكثر من اتجاه لتأمين هذه الحماية.
وفي معالجة هذه المشكلة، يسجل المراقبون أن تقدما كبيرا قد حصل في مجال قوات العمليات الخاصة التابعة لفصائل خاصة من الحشد الشعبي، وكذلك لديها القدرة على المناورة في القنص والخطف والاقتحامات وحتى العمليات الانتحارية "الفدائية"، وتطور وحدات القوة الصاروخية الى مستويات متقدمة من حيث الاستهداف والتصنيع والتطوير، كل ذلك يمكنهم من الوصول الى درجة الضغط القصوى على أمريكا لتهديد مصالحها ورعاياها في العراق، او تلتزم بحماية أجواء العراق من العدوان الإسرائيلي، وهذا ما يغل يد الكيان عن الذهاب مجددا إلى العدوان.
ويمكن أن نطور هذا التحليل لنقول بأن "مجاميع خاصة من الحشد" سوف تستعيض عن الرد المباشر على العدوان الإسرائيلي في العراق بهجمات محدودة نوعية في الإعلام والسياسة والأمن والاستخبارات والضربات الدقيقة المحدودة للوجود الامريكية في العراق؛ أي عبر ضربات مدروسة بديلة لتخفي عجزها عن استهداف إسرائيل بشكل مباشر.
ويمكننا القول بأن نظرة قيادات الحشد إلى العدوان هي نظرة مركبة؛ فيها من الإحساس بالخطر من الاستنزاف، وفيها الخشية من الصدام المكلف مع الامريكان. لكن، يبدو أن "عقيدة قيادات الحشد" ستتحمل المخاطر بسبب رفضها للتنازل عن قدراتها الصاروخية، ولن تلجأ إلى تفكيك او تحجيم قوات الحشد الشعبي وترى فيها مسا استراتيجيا أو عقائديا بمكاسبها وتضحياتها. ولهذا، يمكن للعاقل أن يبني رؤيته على أن التهدئة بين "أمريكا وإسرائيل" وقيادات الحشد ستبقى تدور في حلقة مفرغة؛ وسوف تكون نتائجها كارثية على مكاسب الحشد السياسية والعسكرية والقانونية إن حصلت.
إرسال تعليق