بيروت ليست انثى عبرية


الشيخ صادق الحسناوي 
تكتب بيروت تاريخها على جدرانها وتحكيه ازقتها وحاراتها ،تحكي قصة تحول كبير لبلد صغير في مساحته خطير في موقعه وموقفه ومن ينطلق من بيروت باتجاه بنت جبيل سالكا الطريق الذي قطعته دبابات الاحتلال الصهيوني في ١٩٨٢ حتى وصولها الى بيروت سيقرأ على هذا الطريق انقلاب التاريخ وتحول مساراته ، كانت تلك (الغزوة ) مغامرة لن تتكرر ولن يحلم يحلم الصهاينة بتكرارها اطلاقا ، في مارون الراس حيث الحد الفاصل بين فلسطين المحتلة وجنوب لبنان لاتجرؤ دوريات الصهاينة ان تقترب من الحد الفاصل ولايفكر احدهم ان يقطف بعض الثمار المتدلية على الاسلاك الشائكة الفاصلة بين جنوب لبنان وحدود العدو ، الرجال الذين يحفرون الخنادق والممرات وسط الجبال ويشقون طرقهم بين الصخور لايمكن ان تهزمهم الميركافا ولا ال f16
بين الجبال وممراتها تجد آثار المقاومة وذكرياتها ، هنا كان السيد عباس الموسوي (قدس سره ) بعمامته السوداء وجبته وقربه الراديو ، تنظر اليه كانك تجالسه وتستمع اليه ! الخنادق تحكي قصة ماجرى وماسيجري وفي مارون الراس تمام الحكاية حيث تنتصر المقاومة في ملحمتها الاسطورية وتزيح العدو نهائيا من لبنان وهي تظهر كالاشباح من تحت الصخور ومن وسط الجبال ! اسطورة حية لكن شواهدها لا تكذب ولاتشهد زورا وتثبت انه الواقع الذي يشبه الاساطير
وانا اقف على اعلى مكان في مارون الراس قرب تمثال يشير الى العدو باصبعه ادركت البون الشاسع بين الحكايات والافعال ، ادركت ان روحانية المسجد ورمزية العمامة وقيمة الشهادة صنعت من هؤلاء الذين كنا نسميهم (النستلة )و(الچكليت)جبالا تندك لصلابتهم رواسي الجبال واننا في العراق( باستثناء من قاوم الاحتلال)، (النستلة والچكليت )الذي يذوب امام اول ايماءة من سفارة الاحتلال او سفيراته!
وعندما يحدثك المقاومون لا يتحدثون عن انفسهم ، يتكلمون عن رموزهم وعن زملاءهم ، هنا خطب السيد موسى الصدر ، وهنا وقف السيد عباس ، كان الشيخ راغب حرب ينطلق من هنا وهناك وفي هذا المسجد في بيروت كان السيد محمد حسين فضل الله يزرع نبتة الثورة وروح المقاومة ، في هذا المكان (مليتة ) كانت مقبرة الميركافا وساحة المعركة التي تحولت لاحقا الى متحف ، وفي بيروت يحدثك بفخر سكان الضاحية عن السيد حسن الذي يفخر انه اب لشهيد من المقاومة اللبنانية ناله مانال اي اب فقد ولده في معارك المقاومة ، قال لي استاذ جامعي انه علماني الفكر ولكن المقاومة تجري في عروقي فالتخلي عنها تخلي عن كبرياء الوطن وكرامته ، قبل المقاومة كان دخول بيروت نزهة يقوم بها الصهاينة متى ارادوا وبعد المقاومة تغيرت المعادلة وتعلم اللبنانيون ان يعزفوا على الصخر سمفونية البطولة والانتصار
هذه بيروت التي عرفت ، لا ارى بين عينيها الا اصرارا على الحياة وروحا تنمو كل يوم فتكبر ثمارها حتى باتت حجر عثرة امام مشروع الشرق الاوسط الكبير وصفقة القرن وبيع فلسطين ، لا ترحيب بمشاريع الاضطهاد والاستعباد ولا رضوخ للاصوات الشاذة وعبيد التطبيع فبيروت ليست انثى عبرية ،انها اليوم رمز الكبرياء وعنفوان المقاومة ولن تسدل عينيها على اسى او لوعة بعدما لمع فيهما بيرق الانتصار ٠

إرسال تعليق

[blogger]

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Javascript DisablePlease Enable Javascript To See All Widget