لم تكن مسيرة المصورة الاميركية أليكس بوتر في مدينة الموصل بالهيّنة، حيث دخلت المدينة عام 2016 بهدف تصوير النازحات في المخيمات اثناء عمليات استعادة السيطرة على المدينة من قبضة داعش، إلا أن هول المعارك في العراق دفعها إلى تغيير الهدف والقيام بمهمة آخرى.

ونقلت وسائل اعلام اميركية، تابعها “ناس”، قصة بوتر التي قررت الاشتراك في فريق من المسعفين المتطوعين من جنسيات مختلفة، بعد أن كانت شاهدة على حادث دام، تعرض فيه مدنيون عراقيون لإصابات خطيرة.

وتحكي بوتر في مقال بصحيفة “نيويورك تايمز”، أن نقطة التحول بالنسبة لها كانت حادث انفجار سيارة مفخخة في الموصل أسفر عن إصابات خطيرة، كان من بينهم فتاة صغيرة “لم تتوقف عن النزيف”.

وفي موقع الحدث شاهدت بوتر المترجم الذي كان بصحبتهم وهو ينهار نفسيا من هول ما رآه، بعدما رأى الطفلة التي بنفس عمر ابنه وهي غارقة في دمائها.

وقالت بوتر في مقالها: “عندما أتيت إلى العراق في الأسبوع الأول، لم يكن لدي نوايا للذهاب إلى الموصل. بالإضافة إلى كوني ممرضة، فأنا مصورة، وكانت خطتي هي تصوير النساء في أماكن النزوح”.

وأضافت “قابلت بيت، وهو مسعف، وجندي سابق بالمارينز الأميركي، وعلى مدار شهور، كان يدير فريقا أسسه مسعفون سلوفاكيون”.

وأوضحت المصورة الأميركية أن معظم المؤسسات الطبية التي تشغلها الوكالات الإغاثية تبعد كثيرا عن أماكن القتال، مما يجعل من الصعوبة بمكان معالجة المصابين.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن القوات العراقية معنية فقط بمعالجة الضحايا العسكريين، لذلك عقد فريق المسعف بيت اتفاقا مع الأمن العراقي يقضي بأن تساعد القوات العراقية في إحضار المدنيين، وفي المقابل يعالج فريق بيت في علاج العسكريين العراقيين.

قررت أليكس الاشتراك مع فريق بيت لمساعدة المدنيين لأسبوع أو اثنين ثم تعود إلى الولايات المتحدة، لكن الأمور لم تكن كذلك.

خلال ثمانية أشهر، اشتركت بوتر مع الفريق الطبي في إسعاف المدنيين بإقامة مراكز طبية في المدارس والمنازل، وأحيانا على جنبات الطرق.

وروت المصورة والمسعفة الأميركية أنه في كل مرة يتم تحرير حي فيها من قبضة داعش، يستقبل فريقها أعدادا كبيرة من المصابين العسكريين والمدنيين، حيث تشير إلى أنهم استقبلوا في يوم واحد أكثر من 100 ضحية.

وتضيف قولها: “لقد تعرضت لكثير من الصدمات”، حيث شاهدت الكثير من الضحايا بحالات صعبة مثل مراهقة تكسرت أطرافها الأربعة وتهشم حوضها بالكامل.، وشاب ترض لضربة في دماغه.

العمل المشترك والمهمة الصعبة لم تمنع ألكيس وبيت من الوقوع في الحب، ويتعهدان بالاستمرار معا في طريق واحدة لتحقيق هدف واحد وهو علاج المصابين بشكل أكثر تنظيما من خلال تأسيس منظمة غير ربحية تدعى “Global Response Management”.

وفي يونيو 2017، عندما قررت قوات التحالف استعادة مدينة الموصل، كان فريق بيت وأليكس قد عالج الآلاف من المواطنين العراقيين. إلا أنه وفي مساء 19 يونيو عام 2016، تعرضت أليكس لصدمة نفسية بعدما استقبلت أربعة صحفيين تعرفهم أحدهم بشكل شخصي، وقد أصيبوا بإصابات مروعة.

وكان من بين هؤلاء أيضا صحفية سويسرية تدعى فيرونيك روبرت، والتي توفيت جراء إصابة شديدة تحطمت فيها أطرافها السفلى، ونزفت من ثقوب في بطنها.

استمرت بوتر في العراق لعدة أشهر بعد تحرير الموصل، لكن انتهى عمل الفريق بعدما لم يستطيعوا الحصول على تمويل للقيام بذات العمل والجهد في سوريا، وقد غادرت العراق مع عدد من أصدقائها وزملائها.

تقول أليكس “عند هذه النقطة، كان واضحا أن الحرب قد أثرت على صحتي النفسية، وأصبحت أكثر انعزالية وفقدت حس الإبداع بداخلي. شعرت بأنني غير متحمسة لإنجاز أي شيء باستثناء أهداف بسيطة.”

قرر كل من أليكس وبيت في نهاية الأمر الذهاب إلى ولاية إيداهو بدلا من مينيسوتا بعد أن أرهقهم عالم الصحافة والإسعاف، وقد حصلت بيت على عمل كمكافحة للنيران في البراري.